فات الأوان/نور الهدى عبد الحق

فات الأوان ..

الأشياء التي تصل متأخرة عن ميعادهاتكون فاقدة للّون ولطّعم ولرّائحة

الأشياء التي تأتي بعد فوات الأوان تفقدنا شغف استقبالها وفرحة احتضانها ،وحماسة الاحتفاء بها كما ينبغي وجمال المسير معها فوق بساط نسجناه بأشواقنا وطرزناه بأمالنا ولفرط تأخرها مات الأمل وانتحرت الأشواق .

وذلك أن للانتظار ضريبة مكلفة كل يوم يقتل بداخلنا شيئابدءا بتلك الأشياء المحفزة على الصبر والتحمل انتهاءا بسفك دماء آخر رغبة تصلنا بذلك الحلم أو ذاك الهدف أو تلك الأمنية

فعذرا لكل حلم وصل بعد بعد أن غادرت اللهفة قلوبنا

على برودة الإستقبال وبلادة اللقاء.

عذرا لكل أمنيةعتيقة مدت يدها لتكحل بماء الفرح عيونا أرهقها الانتظار على مراسم استقبال لاتليق بعظمة مجدها .

عذرا لصديق أسقط خذلانه المخزي قدسية صداقتنا على هذا الجفاء

عذرلكل حبيب عائد من منفاه وفي جعبته باقة اعتذار وسنوات من الندم فلم يعد عالمنا يتسع له ولا مزهرية لدينا لتحوي باقته الذابلة.

فلفرط الانتظار مات الشغف بداخلنا ، والأحلام التي كانت بالأمس يعادل وصولنا إليها ملامسة السحاب خََفَتَ لونها وتلاشى بريقها و أُبْطِلَ مفعولها السحري

في نفوسنا.

في الحقيقة نحن من تغيرنا ،نظرتنا للأشياء هي من تبدلت ،لقد ودّعنا مرحلة الانبهار على عتبات الانتظار

فالأشياء التي ننتظرها طويلا ونتلهف لحدوثها ثم تخلف ميعادها غالبا ماتختار الوقت الخطأ فتأتي في الزمن الذي تكون فيه أرواحنا قد وهنت وقلوبنا قد أُرهِقت

وأصبحنا لا نعرف من ألوان الحياة غير الأسود والرمادي

ولايزورنا من فصول السنة عدا الخريف

وتقلصت مواعيدنا ونقص عدد الأرقام المسجلة على هواتفنا والكثير من الوجوه رحلوا من حياتنا غادرونا واستوطنوا الذاكرة.

وعلى غفلة منا تفاجئنا أحلامنا الكبيرة وأمنياتنا الملونة والتي من فرط تعلقنا بها فيما مضى تخلت عنا وبعد أن يضيع على عتبات الانتظار نصف أعمارنا تأتينا طوعا لا كراهية فنقتلها بعجزنا وندفنها بجوارنا كما دفنتنا أحياءا في رمال الانتظار ،ونكتب على ضريحها ( قولوا للأشياء التي أتت متأخرة عن ميعادها فات الأوان ..فات الأوان)

نور الهدى عبد الحق.